fbpx
Connect with us

Hi, what are you looking for?

مقالات رأى

صندوقي الأسود..شهادة ناهد إمام في عالم أسود

الإثنين، 25 أكتوبر 2021 / 18 ربيع الأول 1443 الرئيسية سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار تركيا21 منوعات مدونات عربي21 من هنا وهناك عالم الفن تكنولوجيا صحة ثقافة وأدب فلسطين الأرض والهوية lite الرئيسية سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار ...

بقلم/ على الصاوي

يقول الكاتب اللبناني الراحل “ميخائيل نعيمة” في افتتاح سيرته الذاتية سبعون” هناك مبرر ما أظنّه يخطر للقارئ في بال، وهو اللذة التي يلاقيها الإنسان إذا هو تعرّى أمام إخوانه الناس من جميع أسراره وأوزاره، فبات وكأنه البيت من زجاج، كل مافيه مكشوف للعيان” وما أقرب هذه الكلمات من تفاصيل كتاب صندوقي الأسود للكاتبة الصحفية ناهد إمام، كتاب يحمل بين دفتيه شهادة جريئة لحقب زمنية مختلفة مزجت بين الشخصي والعام، وأماطت اللثام عن حقائق صادمة تتماس مع الجماعات الإسلامية سواء كانت السلفية أو الإخوان، وهذا ما اتضح في العبارة التى افتتحت بها الكتاب، فكتبت تقول:” لوجه الله وللحقيقة يَحسن البوح والاعتراف”

 

يبدأ الكتاب بكشف مراحل التغيير التى طرأت على المجتمع المصري منذ اتساع نشاطات تلك الجماعات واستقطابها الشباب والفتيات عبر المدخل العاطفي الذي يدغدغ المشاعر ويقفز على حاسة النقد والتفكير في ماهية ما تدعو إليه تلك الجماعات، وكانت الكاتبة إحدى هؤلاء الضحايا اللاتى دفعن ثمن الانجرار وراء العاطفة والحماس الفوار بلا عقل أو بصيرة، حبا في الدين ورغبة في الهداية، ما أثّر ذلك على حياتها بشكل كبير وعلى من حولها، فأسرتها تحمل ملامح الأصالة المصرية، والقيم الهادية التى لم تكتسبها عن الدين فحسب، بل من الأعراف والقيم المجتمعية المحافظة بالسليقة، لكن ناهد كان لها رأي أخر بسبب تأثير أفكار تلك الجماعات على شخصيتها، فحوّلت حياة الوسطية الجميلة إلى تزمت وتشدد في غير موضعه، فارتدت النقاب ومنعت الأغاني، وحطمت عود والدها، وحوّلت حياة أسرتها إلى كابوس، بناءً على ما تلقته من تعاليم سلفية متشددة قبل أن تنضم إلى الإخوان لاحقا، تعاليم وأفكار أضرتها من حيث كانت تظن أنها سوف تنفعها، فتقول في الكتاب:

“عشت معهم حياة فقيرة في التصورات،عنيفة على النفس والناس، ولم تتضح لي هذه القتامة إلا بعد انتهاء تجربتي معهم وانضامي إلى الإخوان، ثم انكشاف كامل لما أحدثوه جميعا، السلفيون، والإخوان، والتبليغيون، من تشوّه في شخصيتي بعد انتهاء التجربة كاملة مع كل جامعات الإسلام السياسي”.

 

ثم تقول:”أذكر أنني في تلك الفترة كنت وكأنني أنخلع تماما من شخصية، واستبدل بها شخصية أخرى،  كنت أحب الموسيقى والرقص والغناء والرسم وأمارس بعضا من ذلك كهوايات، وحدي أو مع أصحابي وأخوتي، ثم أصبحت أصارع نفسي –وهو ما يسمونه جهاد النفس- لكي أكره، وأمتنع، وأتوب.”

عاشت ناهد حياة ليست كالحياة في مضمونها وأفكارها السوية، إلى أن جاءت حلقة جديدة في سلسلة السواد وهى زواجها ممن ينتسبون لتلك التيارات، لتعيش البؤس والشقاء معهم مرتين، رأت حالة الانفصام السلوكي بين ما يدعون إليه أمام الناس وبين ما يفعلونه في حياتهم الخاصة، من تهميش للمرأة وكبح جماح أحلامها لتبقى تحت وطأة الاحتياج والسيطرة، رأت كيف يستهلكون النساء في ساقية الحياة فتظل تدور وتدور كالدابة العمياء بلا تقدير أو احترام، بل تزداد عليها القيود كلما حاولت أن تنفك عنهم لتثبت نفسها في أى ميدان إبداعي، وإذا تكرموا وسمحوا لها استغلوها لصالحهم، وقطفوا هم كل ثمرة نجاح أثمرها اجتهادها، فتقول:

“وكان يضع شروطا للموافقة على عملي ، كأن أضع كل راتبي أو المكافأة المالية ة في نفقات البيت، أو الاكتفاء بالعمل بالقطعة، وعدم الالتحاق بمؤسسة لها كيان مرموق”

 

ثم تقول: “لا أدري كم عدد الصدمات التي تلقيتها خلال سنواتي الثلاث هذه من هذا الزوج، “راسبوتن التبليغ والدعوة” بسبب علاقاته النسائية، وعطالته، وعدم تحمله مسؤولية القوامة، ومع هذه الجامعة، لقد سقطت في مستنقع خذلان، وغدر، وهجر، وإساءات نفسية وبدنية مفزعة”.

 

اعتمدت الكاتبة على لغة أقرب إلى السرد الصحفي منه إلى الأدبي البحت، فلم تُعلى في عبارتها من البلاغة والبيان، بقدر ما ركزت على المباشرة والوضوح واللغة السهلة المفهومة، وتلك سمة مميزة لهذا النوع من الأدب، إضافة إلى الاستعانة باقتباسات لأدباء وكتّاب لدعم أفكارها ومواقفها.

تجربة ناهد إمام ثرية ومهمة جدا، لأنها تتقاطع مع واقع بائس يعيشه المصريون منذ فترة كبيرة، فجاء الكتاب كثمرة تجربة عمليّة مؤلمة، وبالطبع لا تسع المقالة كل ما جاء في الكتاب، لكنها مدخل وإشارة إلى أن هناك كتاب يعتبر شهادة هامة لا يستهان بها ولا ينبغي تجاهلها، لمعرفة كيف تفكر تلك الجماعات وكشف فلسفة استقطابها للشباب، والعواقب الوخيمة التى تتمثل في مشاكل نفسية وفكرية واجتماعية يبقى أثرها يلاحق الشخصية فترة من الزمن لحين تتعافى كما قالت الكاتبة.

كتاب صندوقي الأسود هو درة من درر السيرة الذاتية الحيّة والصادقة، ويعد من أفضل ما كُتب في السنوات الأخيرة في هذا المضمار، كتاب صراحته مدهشة وتفاصيله ثرية وتجربته فريدة من نوعها، تلك التجربة تذكرني بما قاله الشاعر الإنجليزي بيرسي شيلي:”علمتنا الأحزان نظم القصيد، فقدمنا للناس في أبيات الشعر ما تلقيناه من ضربات الألم والشقاء” وقد برعت الكاتبة في تجسيد معاناتها وحفظها في صندوقها الأسود.

Loading

محرر رؤيا
بقلم :

إقرأ ايضا

صحة

الكيتو دايت عبارة عن نظام غذائي يعتمد على الإكثار من الدهون، وأخذ معدل متوسط من البروتين، وتقليل معدل الكربوهيدرات التي يتم تناولها قدر الإمكان...

فنون وثقافة

في عام 2001 عُرض فيلم “هاري بوتر وحجر الفلاسفة” (Harry Potter and the Philosopher’s Stone) أول أجزاء سلسلة الأفلام التي حققت، على مدار الأعوام...

إقرأ

قصة الحضارة.. من أين بدأت؟ وكيف تنتهي؟ وهل يجب أن تنتهي؟ أسئلة شغلت عقل ويل ديورانت، فشغل بها العالم في كتابه الموسوعي، مازجاً بين...

إقرأ

القراءة هي واحدة من أعظم ملذات الحياة، يمكن أن يكون الضياع في كتاب جيد طريقة رائعة لقضاء فترة ما بعد الظهيرة الهادئة، أو إبقاء...